الروح القدس

خنشلة، تبسة، سوق اهراس، هذا المثلث الشاوي العتيق، للأسف الشديد، تسبب تعريب هوية سكانه (بغض النظر عن لسانها) دون اطلاع ابنائه على التاريخ العظيم الذي سطره أجدادهم بالعلم و الدم منذ عصور ضاربة في عمق التاريخ.
كل علماء الجزائر القديمة و ملوكها و جنودها مروا من هنا بطريقة أو بأخرى و أكثرهم ولد و عاش في هذا المثلث الذهبي المنسي من أبنائه قبل أعدائه.
هل يعرف هؤلاء الضائعون أن دونات الكبير (Donatus Magnus) من أجدادهم ؟
مولد الرجل مجهول إلا أنه يقع بين أواخر القرن الثالث الميلاد و  بداية القرن الرابع في مدينة نقرين(Casae Nigrae) و توفي سنة 335م، كان هذا الرجل مسيحيا متبعا لمذهب خاص سمي فيما بعد بالدوناتية و كان ذلك قبل تبني الإمبراطور ية الرومانية  للمسيحية كدين رسمي جديد مع كل الأديان الوثنية التقليدية.
في سنة 312م قام الامبراطور قسطنطين الأول ( (Flavius Valerius Aurelius Constantinus بضم المسيحية إلى مجموعة الأديان الرومانية الرسمية و لكن على مذهب مناقض للدوناتية مما أثار حفيظة (دوناتوس) الذي كان رئيسا لكنيسة قرطاجة خاصة عندما رأى إقبال المعمرين الرومان على هذا المذهب الرسمي الذي بإمكانه مساعدتهم على حماية و تشجيع مصالحهم الإقطاعية.
قام دوناتوس بتعبئة كل قواه التأثيرية لجمع الشعب حول مذهبه لغلق الطريق أمام روما و حلفائها و مذهبهم المسيحي خاصة و أن الإمبراطور نفسه أصبح  "رئيسا للكنيسة"  فكان من نتائج نظاله أن اندلعت ثورات شعبية على كامل التراب النوميدي و التي ساندها و مولها "الدوناتيون" بقوة بالرجال و بالمال ، سنة 313م استصدر الإمبراطور فتوى مسيحية تندد بالمذهب الدوناتي ثم تلاه بقرار سحب كل الكنائس النوميدية  من التسيير الدوناتي و لكن العملية فشلت بسبب فراغها من المتعبدين و استحالة الاقتراب منها من المسيحيين الرسميين، فقرر الامبراطور إعادتها للدوناتيين دون إلغاء التنديد الكنسي.
بعدها قام الدوناتيون بتشجيع كل الثورات الشعبية ضد روما خاصة منها ثورة الدوارين (Les circoncellions) و ثورة (فيرموسا) .
بعد (قسطنطين) استمر الدوناتيون في العمل ضد روما و المتعاونين معها لعدة قرون و نجحت في نشر الذعر في الوسط الإقطاعي فرغم قمعها الدموي من طرف الرومان إلا أنها  استمرت إلى أن سقطت روما على أيدي الوندال سنة 439م.
عنووان المقال، هو نفسه عنوان أحد كتب "دونات".

Aucun commentaire:

Khenchela